كان في قديم الزمان ثلاث شقيقات كبيرات في السن وقبيحات الشكل والمنظر، يعشن وحدهن في الدار وقد أصبحن عانسات، وكانت الصغرى قد تعودت أن تمصّ إصبعها الصغيرة منذ طفولتها، حتى صارت إصبعها رقيقة وطويلة، من يراها يظنها إصبع فتاة صغيرة وجميلة.
في أحد الأيام تراهنت أم إصبع مع أخواتها على أنها ستجعل الأمير يحبها، ويعطيها منديله، فوافقوا على المراهنة، انتظرت حتى مر الأمير من تحت نافذة غرفتها، رشّته بماء الورد المعطر، فتعجب الأمير من ذلك، ونظر إلى النافذة فلم ير سوى إصبعاً جميلة رقيقة، فقال في نفسه: إذا كانت الإصبع بهذا الجمال، فكيف تكون صاحبة الإصبع، لا بد أنها فتاة رائعة الحسن والجمال، فصاح عليها: من رشّ الماء ؟ ردّت عليه بصوت رفيع ناعم: أنا يا سيدي الأمير لقد رميت الماء الذي غسلت به وجهي، ولم أعرف أنك تمر من تحت النافذة في هذا الوقت، فلا تؤاخذني على فعلتي. فكّر الأمير قليلاً وأراد أن يتعرف عليها، فدعاها إلى الحفلة التي سيقيمها في القصر فأجابت دعوته وقد طار عقلها من الفرح.
في المساء لبست أحسن الثياب، وتعطرت بماء الورد ووضعت قناعاً على وجهها، وباروكة شعر مستعار على رأسها، ولبست كفوفاً في يديها بحيث لا يظهر منهما سوى إصبعها الجميلة، فبدت كالأميرات الشقراوات الجميلات، وفي الحفل رحب بها الأمير ورقص معها طوال السهرة، ومشيا معاً يتسامران في الحديقة، فأرادت أن تقطف زهره فجرحت إصبعها، فأعطاها الأمير منديله فربطت به إصبعها، وعادت آخر السهرة إلى البيت، وهناك أظهرت المنديل لأخواتها، فعرفن مقدار مكرها وشطارتها، وسلّمن لها بأنها كسبت الرهان.
في اليوم التالي حضر الأمير إلى بيت الأخوات، فطلب يد الفتاة الصغيرة، فوافقت الأختان لكن اشترطوا عليه ألا يرى وجهها، وأن لا يكشف القناع عنها إلا في ليلة الزفاف، فوافق على ذلك وأقام حفلة كبيرة ورفع الزينة في المدينة، وقدم الطعام ثلاثة أيام لجميع الناس، وفي ليلة الدخلة رأى عروسه تنتظره في غرفة النوم، وقد اندست تحت اللحاف وتغطّت به، فجاء إليها وكشف عنها الغطاء، فوجدها في ملابسها وعلى وجهها قناع، فاستغرب من ذلك وخلع عنها القناع، فوجدها فتاة قبيحة المنظر شمطاء، فانصدم بها وغضب منها, وحاولت أن تعتذر وتطلب منه الصفح والغفران، وأخبرته بحقيقة الأمر وأنها تراهنت مع أخواتها على ذلك، فزاد غضبه كثيراً وضربها بالسوط حتى أدمى جسدها، وعلّقها من شعرها على باب القصر، وأحضر أخواتها وعلقهن بجانبها وجعلهن عبرة لباقي الناس.